شارك هذه الصفحة

الراحل الحبيب

في رثاء الدكتور عبد الرحمن بن أحمد السَّري

شعر: عبد الحكيم عبد الله الزبيدي

أيها الموتُ كم فجعتَ الأناما وأسلتَ الدموعَ تجري سِجاما

كم فطرتَ القلوبَ منك بحُزنٍ وتركتَ النِّساءَ ثكلى أيامى

ونشرتَ النَّحيبَ في كُلِّ بيتٍ وأشعتَ الأسى بقلبِ اليتامى

ليس فينا من لم يُرَع بحبيبٍ كان صبًّا في حُبِّه مستهاما

ليس فينا من لم يُودِّعْ أخاهُ أو يواري تحت الثَّرى الأعماما

كم وليدٍ غال الرَّدى أبويهِ ورضيعٍ كان المماتُ فِطاما

كم غنيٍّ تخرَّمتهُ المنايا أسكنَتهُ بعد القصورِ الرُّغاما

كم صديقٍ قد ذاق فقدَ صديقٍ بعد وقتٍ قد قضيَّاه انسجاما

وجموعٍ قد فرَّقتها الليالي وتساقت من المنيَّةِ جاما

نحن للموتِ والفناءِ خُلقنا ليس يُدرى متى يريشُ السِّهاما

قدَّرَ اللهُ للأنامِ حياةً وقضى اللهُ بعد ذاك حِماما

ضجعةُ الموتِ يقظةٌ يستفيقُ الـ ـخلقُ فيها وقبلُ كانوا نياما

عظةُ الموتِ عِبرةٌ لو عقلنا أنَّ هذي الحياةَ ليست مُقاما

وهناك الخلودُ بعد حسابٍ سوف نلقى به الجزاءَ لِزاما

*****

أيها الراحلُ الحبيبُ وداعًا وسلامًا عليك يتلو سلاما

قد عرفناك ذا تُقىً وأناةٍ دائمَ الذِّكرِ صائماً قوَّاما

حافظًا للعُهودِ عَفًّا ودودًا مُشرقَ الوجهِ ضاحكًا بسَّاما

صادقَ القولِ والفعالِ حليماً أريَحيًّا عن الدَّنايا تسامى

مُحسنًا للغريبِ بَرًّا بأمٍ وقريبٍ يواصلُ الأرحاما

قد عرفناك مولعًا بالمعالي يطلبُ العلمَ أشيبًا وغلاما

وبعزمٍ إلى (الولاياتِ) يمضي ليس يرضى سوى العُلُوِّ سِناما

و(بتوسانَ) كان يومًا لقانا وقضينا للوُدِّ فيها الذِّماما

كنتُ غِرًّا وكنتَ لي خيرَ عونٍ وصديقًا وقُدوةً وإماما

وتوالت بنا السُّنونُ سِراعًا وتقضَّى الزَّمانُ عامًا فعاما

وأتى اليوم ويحَ نفسيَ نَعيٌ أشعل الوجدَ في فؤادي ضُراما

فاجأتني المنونُ فيه فعقلي حائرُ الفكرِ لا أحيرُ كلاما

غاب (عبدُ الرَّحمنِ) بعد فِراقٍ عزَّ فيه اللقاءُ إلا لِماما

ربِّ فاجعل لقاءَنا في جِنانٍ بين زَهرِ الرُّبى ونَشرِ الخُزامى

ربِّ واغفر ذنوبَهُ وأجِرهُ من عذابٍ ولقِّهِ الإكراما

ربِّ أسكِنهُ في فَراديسِ عَدنٍ يتملَّى النعيمَ أنَّى أقاما

في جوارٍ من الرَّسولِ وآلٍ أصفياءٍ أكرِم بهم أقواما

ربِّ واربط فؤادَ أمٍ وزوجٍ وصبايا ما ذُقن -حُزناً - مناما

ألهم اللهُ أهلَهُ حُسنَ صبرٍ وذويهِ بفضلِهِ إلهاما

بارك الله في بنيهِ وأبقا هُمُ ذُخراً للمَكرُماتِ وِساما

(أحمدًا) و(مُحمَّدًا) و(عليًا) ثم (بَكرًا) و(حارثًا) و(هُماما)

وتولىَّ (عبدَ الإلهِ) بحِفظٍ والبناتِ وحقَّقَ الأحلاما

إنَّ فيهم لنا العزاءَ وذِكرى سوف تبقى ما عمَّ صُبحٌ ظلاما

23 صفر 1439هـ 12 نوفمبر2017م